حوار - هند الخليفة
بعد عرض قصة المبرمج العربي النابغة خلدون سنجاب
والمصاب بإعاقة حركية كلية بجميع أطرافه تلقينا بريدا إلكترونيا من أحد أقارب خلدون
يوضح فيها عنوان موقعه على شبكة الإنترنت (
www.sinjab.com).
حينها قامت صفحة الإنترنت والاتصالات بالتجول في الموقع
ومراسلة خلدون للتعرف أكثر على كيفية تعامله مع الكمبيوتر وتغلبه على الإعاقة
وتحقيقه للنجاح. وأيضا ليثبت لشباب اليوم أن الإعاقة لم تمنعه من شق طريقه نحو
الإبداع والتميز.
٭ قرأنا قصتك على شبكة الإنترنت
وطموحك في دخول الجامعة لإكمال الدراسة الجامعية هل تم ذلك فعلا؟ وإذا كانت الإجابة
بنعم هل تفكر في إكمال دراستك العليا؟ - عندما أتى أمر الله يوم الخميس الفاتح من أيلول سبتمبر
1994 كان يفترض بي الالتحاق بكلية الهندسة الإلكترونية يوم السبت. وكنت قد انتسبت
إلى كلية الهندسة الإلكترونية، رغم تفوقي الذي كان يتيح لي الانتساب إلى كلية الطب،
نظرا لتولعي بالإلكترونيات والحواسيب. حاولت الانتساب لعدة جامعات، إلا أنني لم
أفلح. لا زلت آمل بإكمال الدراسة الجامعية في مجال الهندسة المعلوماتية إن شاء
الله، لكنني بحاجة إلى المساعدة ومراعاة وضعي الخاص من قبل الجامعة.
٭ هل بالإمكان شرح كيفية تعاملك مع
جهاز الحاسب مثلا كيف تشغله وتطفئه وكيف تقوم بالكتابة فيه وغيرها؟ - في البداية كنت أتواصل مع الحاسوب عبر شخص وسيط يقوم
بتنفيذ ما أمليه عليه. فأشاهد النتائج على شاشة موضوعة بجانبي.
لم يكن الوسيط البشري متوفرا إلا صباحا، ولذلك كنت أنقطع
عن الحاسوب حتى اليوم التالي. كما أن وضعية الشاشة الجانبية أساءت إلى عيني، مما
دفعني إلى البحث عن حلول بديلة. فكنت أطلب من زواري مساعدتي في صنع فأرة خاصة بي.
فقام صديقي المهندس عيد عبيد بمحاولة تصنيع فأرة إلكترونية كمشروع تخرجه، إلا أن
محاولته لم تنجح. فقام صديقي من المدرسة الثانوية الدكتور نسيم رتيب، الذي كان يدرس
الطب حينها، بصناعة فأرة ميكانيكية لأستخدمها بشفتي السفلى ولساني. فأصبحت أتواصل
مع الحاسوب بنفسي للمرة الأولى. وأصبحت الفأرة بمثابة يدي، وأضحى الحاسوب عالمي.
عانيت من مشكلة عجزي عن التصرف في حال تجمد الحاسوب، فقمت بتطوير برنامج يعيد
الإقلاع في حال توقف المؤشر عن الحركة لفترة معينة، لكنه كان يعجز عن إعادة الإقلاع
في حال التجمد التام للحاسوب، فقام الدكتور رتيب بتركيب زر لإعادة الإقلاع على
الفأرة. وكانت الفأرة تربط على وجهي كاللجام، مما تسبب بحساسية على بشرة وجهي، فلم
أعد قادرا على ارتداء الفأرة دائما. وبدأت بالبحث عن بديل.
قمت برفع وضعية الشاشة، ولم أعد قادرا على مشاهدة الشاشة
دون نظارات. فقام ابن عمي الدكتور مازن سنجاب بفحص عيني، وتبين ازدياد ضعف بصري،
وخاصة في العين اليمنى القريبة من الشاشة. كما عثرت على سماعات رأسية متينة، وقام
الدكتور رتيب بتثبيت الفأرة عليها، وتمكنت من التواصل مع الحاسوب لمدة أطول. ولكن
ما لبثت أن تحسست أذني، فبدأت بالبحث مجددا.
بمساعدة صديقي المهندس أسامة المصري ومديري Young
Future، حصلت على شاشة عرض كريستالية. وهي مريحة أكثر بكثير من سابقتها، فهي لا
تصدر إشعاعات مؤذية، كما هي الحال مع الشاشات المهبطية. صممت باستخدام برنامج تصميم
ثلاثي الأبعاد حاملا يثبت بالسرير، لحمل الشاشة فوق رأسي، تم تصنيعه بمساعدة صديقي
بدر الدين طعمة. وبصري مستقر منذ ذلك الحين، إلا أنني أعتمد على النظارات بشكل
دائم. تسببت نظاراتي القاسية والتي أرتديها ليلا نهار بجروح في وجهي، فاستبدلتها
بنظارات مرنة بمساعدة صديقي المهندس سامر سلمى. كما صممت باستخدام برنامج تصميم
ثلاثي الأبعاد حاملا يثبت بالسرير، لحمل الفأرة فوق فمي، صنعه صهري نعمان السمان،
وساعد في تطويره صديقاي فخر الدين طعمة وحسين داغستاني. وقد كانت الفأرة
الميكانيكية بحاجة للفك والتنظيف دوريا، ولذلك كنت أبحث عن فأرة حرارية. عثر ابن
خالتي وارف أبو قبع على فأرة حرارية مدمجة في لوحة مفاتيح، وقام الدكتور رتيب
بانتزاعها وتثبيتها بالحامل، وركب زر لإعادة الإقلاع عليها. وبذلك أمسيت قادرا على
التواصل مع الحاسوب على مدار الساعة بفضل الله. أشغله متى رغبت، وأطفئه أنى شئت،
بلمسة من شفتي.
وبذلك صرت قادرا على التحكم بالحاسوب بوساطة الفأرة. أما
بالنسبة للكتابة، فقد كنت أستخدم برمجيات نظام التشغيل التي تسمح بالكتابة باستخدام
الفأرة، لكنها لم تكن عملية، لأنها تشغل مساحة واسعة من الشاشة، وتغطي البرامج
تحتها. فقمت بتطوير برنامجي الخاص للكتابة باستخدام الفأرة، وهو على شكل شريط رفيع،
يحتل مساحة صغيرة من أعلى الشاشة، ولا يغطي البرامج أبدا، وهو عملي جدا. وقد أسميته
لوحة المفاتيح الفعلية. وقد استخدمته لكتابة نص إجابات الحوار حرفا حرفا، باستخدام
شفتي السفلى بوساطة الفأرة الحرارية.
٭ موقع خلدون سنجاب على الإنترنت
متى تم افتتاحه ومن قام على تصميمه وما الهدف منه؟ - افتتحت أول موقع لي باللغة الإنجليزية أوائل عام 2000،
وقد كان موقعا بسيطا جدا. أما موقعي الحالي فقد قمت بتصميمه بنفسي، وكتبت نصوصه
العربية والإنجليزية بمفردي، وافتتح رسميا 19 كانون الأول يناير 2005. يهدف الموقع
إلى تعزيز قدرتي على التواصل مع الآخرين، بغية حثهم على العمل رغم الصعاب،
وذلك في إطار واجبي كمسلم
أدعو إلى الله بما استطعت، وذلك من خلال تجربتي الشخصية مع ابتلاء
الله عز وجل. كما يهدف الموقع إلى تشكيل منفذ أعرض من خلاله منتجاتي على الشبكة،
مستقبلا إن شاء الله. كما يهدف لتأسيس مرجع ومنتدى للمبرمج العربي, مستقبلا إن شاء
الله. وهناك أهداف ثانوية كثيرة، سترونها في حينها بإذن الله.
٭ شدنا في موقعك ذكرك للأعمال التي
قمت بعملها من منتجات ومساهمات ولكنها ذكرت بصورة مقتضبة ولم نر صورا أو حتى نماذج
لها..هل بالإمكان التحدث عنها بتفصيل أكثر مثل الألعاب الثلاثية و الثنائية التي
ذكرتها وغيرها؟ - قمت بعون الله ببرمجة برامج عديدة، أهمها برنامج تعلم
الصلاة لصالح مؤسسة نظم تكنولوجيا الحاسب والاتصالات السعودية، وهو يهدف لتعليم
الصلاة بأسلوب بسيط معزز بالنص والصوت والصورة والعروض الحية، وهو من تقريظ فضيلة
الشيخ ابن جبرين.
كما قمت بحمد الله بالمساهمة في تطبيقات عديدة مع شركة
في Tiger Production، وهي الفرع البرمجي لـ Young Future، وهي شركة إعلامية ترفيهية
وتعليمية للأطفال، وتتبع لها شركة Venus للإنتاج الفني وقناة SpaceToon الفضائية.
ومن هذه التطبيقات تطبيق يلتقط حركة ممثل ويحولها لحركة شخصية ثلاثية الأبعاد،
ويمكن استخدامه لتسهيل عملية إنتاج أفلام الكرتون. ومن هذه التطبيقات أيضا تطبيق
لأتمتة عملية البث التلفزيوني، فبدل أن يقوم أشخاص بتبديل الأشرطة الحاوية على
البرامج حسب أوقات عرضها، يقوم الحاسوب بعرض البرامج المخزنة عليه تلقائيا حسب
أوقات عرضها. ومن هذه التطبيقات أيضا تطبيق ينتج مؤثرات فيديوية رقمية مع البث
الحي، مثل شريط الأخبار المستخدم في قناة SpaceToon. أما الألعاب، فتم عرض بعضها
على الهواء مباشرة على قناة SpaceToon، حيث يقوم الأطفال بالاتصال بالقناة واللعب
عن طريق أزرار الهاتف.