رجل من فلسطين كان له صديق من أعضاء اللجنة الدولية.سأله أن يأخذه إلى تل أبيب ليجدد ببلاده عهداً، فأجابه إلى ما سأل وألبسه لباس أعضاء اللجنة حتى غدا كأنه واحد منهم ووصلوا إلى تل أبيب فأنزلهم اليهود في فندق عظيم وأولوهم
أجمل العناية حتى لقد أخبروهم أن إدارة الفندق ستبعث إلى غرفة كل واحد منهم فتاة بارعة الجمال لتكون رفيقة تلك الليلة
فيقول : خُيّل إليّ أني إن نلت امرأة من يهود فقد غزوت يهود في ديارها، وجاء النذل يُقدّم إليّ الفتاة عارية أمامي رأيت فيها
ملامح رقة وتهذيب كأنها ملامح طالبة من طالبات المدرسة لافتاة من فتيات الليل ووقفت و وقفت وساد الصمت والسكون فلا حركة و لاكلام
.... ودعوتها فقط إلى جنبي،وبصرها تائه في الأفق ،وكلمتها بالإنجليزية فعلت وجهها سحابة سوداء،من الألم،ولم تجيب .ففكرت بأن أكلمها بالعربية وقلت لها: هل أنتِ عربية؟
فانتفضت انتفاضة لو كانت بصخرة لصبّت فيها الروح وقالت:هل أنتَ عربي؟ فقلت لها نعم،قالت:وأنا عربية من أسرة (كذا) من بلدة (كذا) ومعي خمس وثمانون من بنات العرب .....
يقول : فأحسست كأن خنجراً مسموماً قد أوقد عليّ وغرز في قلبي ، وكأن الأرض تدور بي وأن فاضت نفسي رحمة بها وحناناً
عليها فطوّقتها بيدي وهي تنشج نشيجاً خافت تقول فيه : لن أعود إلى حماة الرذيلة .. لن أعود .. خذني
معك ... إلى أي بلد عربي لا حُكم فيه لليهود،خذني أكن خادمة لك أو أعني على الموت، حتى لا أهين بجسدي الملوث
الأرض التي احتوت رفات الجدود أن ترني اليوم ماشية في طريق الفجور، فلقد كنت يوماً بعيدة عنه جاهلة
به،وكان لي أبوان شريفان وكانت لي أخت .... فهل يعلم أحد أين أختي؟
لقد أراد لي والدي الحياة الكريمة،فربياني على الدين و الخلق وعلّماني حتى نلت شهادة الابتدائية وتهيأت
للمتوسطة واطلعني أبي على روائع الأدب،وكان يرجو لي مستقبلاً فكان مستقبلي .. كان .. كان ..
وشرقت بدمعها ...
لقد قتلوا أمي يوم الواقعة بعد أن وضعوا البندقية في مكان عفافها،فوقفت أمامي تتخبّط بدمائها،أما أبي فهرب بي وبأختي وأنطلق
يعدو حتى ألحقوه فجعلوا يضربونه بأعقاب البنادق وبأيديهم وبأرجلهم حتى سقط واستاقونا..ورحت ألتفت وأنا أكاد أجن من الذعر،أنادي : أبي !! أبي !!
فنهض يسعى لينقذني وكلما استرخى ذكر ابنته التي ربّاها ستغدو أمة لليهود،فتعاوده للقوة حتى استنفذ آخر قطرة من قواه .تمر على الإنسان المصائب
الثقال فينساها ... عرض حتى يتمنى الموت ثم يدركه الشفاء فينسى أيام المرض .. ولكن مصيبة الفتاة بعفافها لاتنسى حتى ترد ذكراها معها الموت .....
ثم تعود فتقول : ولما غدوت وحيدة في أيديهم وعرفت أنه لامعين لي بعد أن فقدت أبي غير ربي شعرت بأني كبرت
وبأن أحمي أختي التي تصغرني ،ولكنهم غلبوني وأخذوها مني ثم وضعوني في سيارة جيب مع ثلاثة من جنود يهود وطفقت
أدافع بيدي ورجلي .و أعض بأسناني حتى عجز عني ثلاثة رجال منهم وجعلت أعدوا حافية وقد سقط الحذاء من رجلي على
التراب والشوك حتى لحقوا بي وأعادوني فأحسست غرز إبرة في يدي.ثم لم أعد أشعر بشيء ولما صحوت رأيت نفسي متكشفة
ملقاة على أرض السيارة لقد أراقت دم عفافها لأن رجال قومها لم يريقوا دماء أجسادهم في سبيل الأرض وصرنا ننتقل من يد إلى يد أنا وبنات قومي من العرب كالإماء .
ثم يقول : وانتهت تلك الليلة وجاء النذل في الصباح ليقدم لي الفطور قوت الصباح . ويحمل الفتاة قوت الليل . وينهي قوله:بأنها ودّعتني بنظرة يعجز عن وصفها الإنسان ...
وجاءت السيارات تحملنا لنعود من حيث أتينا .نعود ونترك بناتنا يفتك بأعراضهن لليهود
أنتهى الموضوع لكن هل أنتهت المسأله .............................؟